إشتهــرت أهـــوار جنــوب العــراق بعدة أكلات لذيذة أبدع فيها السكان وصارت صفة مميزة ومحببة لدى الكثيرين ، و يلعب الهـــور وما يدره من خيرات دوراً كبيرا في خصوصيتها ، ومن هذه الأكلات ما سمعتم به و تذو قتمـــوه ، ومنه ما لم تسمعــوا به ولم تتــذو قــوه ، وسنبتــدئ بالطابــك :
1 ـ الطابك : وهو نوع من الخبز السميك من دقيق الرز (طحين تمن) يتم شواءه على قرص يصنع من الطين يتراوح قطره بين 50 – 100 سم و يصل سمكه إلى حوالي 4 سم تمتاز بصناعته نســـاء الهـــور ، و تهيأ النساء العجين الخاص بهذا النوع من الخبز – والذي سمي بـ(الطابك) نسبة للقرص الطيني الذي يشوى عليه – من خلط دقيق الرز (طحين تمن) بالماء ليكون قوامه سائلا نوعا ما وليس متماسكا مثل العجين المعد للخبز العادي ، ثم يوضع (الطابك) على مسا ند طينية تسمى (مناصب) مفردها (منصبة) لرفعه قليلا حتى يكون ممكنا ترتيب (المطال) – مفردها (مطالة) وهي أقراص مصنوعة من روث الحيوانات و بالـــذات الأبقار تستخدم عادة في مـــواقد بيوت أهل الهور للتدفئة والطبخ – تحته ، و يتم اشعال النار وتترك فترة من الزمن ليكتمل احتراقها و تصبح على شكل جمرات لا دخان فيها ، ثم يتم قلب (الطابك) الى جانب الموقد بحيث يكون وجهه الساخن المحمر الى الأعلى ، بعدها يتم سكب العجين المعد سلفاً على هذا القرص الساخن و تتم تسو يته ليكون منتظم السُمُك و يـــوضع عدد من أعواد (البردي) الاخضر على سطح العجين ليكون كمشبك لوضع (الجمر) عليه ، ثم ينقل (الجمر) من المو قــد و يبسط على المشبك المذكور و يتم تقليبه والعناية به الى ان يكتمل شواء العجين ، بعد ذلك يتم تقطيع الخبز (الطابك) الى اجزاء ويقدم مباشرة للأكل ، وعادة مايكون مع (الطابك) سمك مشوي بأنواعه المختلفة التي يجود بها الهـــور مثل: (الشلك ، البني ، الكطان ، الخشني ، الشبوط ، العَجِد) وغيرها ، و يتم شواء السمك على نار (المطال) إثناء تسخين (الطابك) ، ومن المقبلات المشهـــورة في هذه الوجبة (الطرشي) والبصل.
2 ـ السيّاح : وهو نوع من الخبز الرقيق من دقيق الرز (طحين تمن) يتم إعداد عجينه بنفس الطريقة المذكورة في اعداد (الطابك) ويكون أكثر سيولة منه ، ثم يسكب العجين السائل على ظهر قرص معدني مقعر إلى الأعلى يسمى (صاج) ، ويستند (الصاج) على (مناصب) أيضا ويتم إشعال النار تحته باستعمال القصب اليابس لتكوين (مشعل) حيث يكون ذا لهب منتشر ليغطي السطح السفلي للـ(صاج) تماماً.
وعند سكب العجين على (الصاج) تتم تسويته باليد ليكون سُمْكُه منتظماً وأقل ما يمكن ولهذا لا يستغرق (السيّاح) وقتاً طويلا حتى ينضج ، ثم ترفع (السيّاحة) –وهي مفرد سيّاح – وتسلم فورا لأعضاء الأسرة للأكل ، ويمكن أن يكون مع (السيّاح) سمك مشوي أو غيره.
ومن المتفق عليه تقريباً بين أهل الجنوب أن خبز ( السيّــاح ) لا يؤكــل إلا صباحاً ، أما ( الطابك ) فيحبّــذ مـتع وجبة الغــداء .
3ـ المصموطة : وتعتبر هذه الأكلة مشهورة جدا رغم بساطتها ويتم دعوة المقربين لتناولها ومادتها الأساسية هي السمك الجاف ، حيث يتم تجفيفه بعد إضافة الملح إليه في الهواء الطلق لمدة كلما طالت كانت (المصموطة) الناتجة ألذ ، ثم يتم سلق السمك الجاف بالماء وإضافة المواد الأخرى كمطيبات مثل (نومي بصرة) والبهارات وغيرها ، وتؤكل (المصموطة) مع خبز التنور الساخن والبصل الذي لا غنى عنه. وكثير من الناس في مناطق الهـــور في البصرة او الناصــرية يفتتحون عيد الفطــر ( بعـــد شهر رمضان ) بالمسموطة فتكون أول وجبة يأكلونها لتنشيط معدهم وتهيأتها للأكل من جــديد .
4 ـ الجباب : أي (الكباب) ويختلف هذا (الجباب) عن (الكباب) المعروف في أن مادته الأساسية هي السمك وليس اللحم الأحمر ، حيث يتم تهيأة السمك وتقطيعه ثم يُدَق في (جاون) –وهي اسطوانة خشبية مفتوحة من الأعلى تستعمل لتنعيم بعض المواد بالدق عليها بعمود خشبي – ويضاف إثناء الدق الدقيق والمواد الأخرى مثل (نومي بصرة) و (بطنج) والملح والبهارات وغيرها ، وبعد أن يصبح الخليط مثل العجين يتم عمل (الجباب)منه بتشكيله باليد على شكل أصابع مستدقة النهايات يتم سلقها أو قليها لتكون جاهزة للأكل.