رسالــة يزيــد بن معاو ية إلى والي البصــرة

وصول مسلم بن عمرو الباهلي أبي قـتيبة بن مسلم إلى البصرة ، قادما من الشام بعد مــوت معاو ية بن ابي سفيان وكان ذلك في سنة 60هـ ، وهو يحمل كتابا من يزيد بن معاو ية إلى والي البصرة عبيد الله بن زياد يامره فـيه أن يباد ر إلى الكوفة ، فيطلب مسلم بن عقيل بـن أبي طالب سفـير الإمام الحسين ( ع ) ، فيقتله ، او ينفيه منها ، فلما ورد الكتاب على ابن زياد اقبل حتى دخل المسجد الاعظم ، فاجتمع له الناس ، فقام ، فقال : (( أنصف القارة من راماها ، يا أهل البصرة إن أمير المؤمنين قـد ولاني مع البصرة الكوفة ، وانا سائر اليها ، وقـد خلفت عـليكم اخي عثمان بن زياد ، فاياكم والخلاف والارجا ف ، فـوالله الذي لا اله غيره ، لئن بلغني عن رجل منكم خالف او ارجف لاقتلنه ووليه ، ولآخـذ ن الأدنى بالأقصى ، والبرئ بالسقيم حتى تستقيموا ، و قـد اعـذ ر من انذ ر )) ثم نزل ، وسار من غده حتى وافى الكوفة ، واخرج معه من أشراف أهل البصرة شريك بن الأعور ، والمنذ ر بن الجارود .
وعن سبب تعيين ابن زياد ، قال ارباب التاريخ والسير : لما بلغ اهل الكوفة خبر وفاة معاوية ، وخروج الحسين بن علي الى مكة بعد رفضه البيعة ليزيد ، اجتمع جماعة من اهل الكوفة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي ، واتفقوا على ان يكتبوا الى الامام الحسين يسالونه القدوم عليهم ، ليسلمـــوا الامر اليه ، و يطردوا النعمان بن بشير والي الكـــو فة . فلما توافدت كتبهم عليه طلب ابن عمه مسلم بن عقيل ، واطلعه على الحال ، وكتب معه اليهم جوابا ، نسخته كما جاء في (( الاخبار الطوال )) : (( بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من الحسين بن علي الى من بلغه كتابي هذا ، من اوليائه وشيعته بالكوفة ، سلام عليكم ، اما بعد ؛ فقد اتتني كتبكم ، و فهمت ما ذكرتم من محبتكم لقدومي عليكم ، واني باعث اليكم باخي وابن عمي وثقـتي من اهلي مسلم بن عقيل ليعلم لي كنه امركم ، ويكتب الي ّ بما يتبيّن له من اجتماعكم ، فان كان امركم على ما اتتني به كتبـكم ، واخبرتني به رسلكم اسرعت القـدوم عليكم ان شاء اللّه ، والسلام )) .
فسار مسلم حتى وافى الكوفة ، و نــزل في دار المختار بن ابي عبيدة الثقفي و قيل في دار ابن عوسجة . فلما علم اهل الكوفة بمقدمه دبوا اليه فبايعوه ، حتى بايعه منهم ثمانية عشر الفا ، وقيل اثنا عشر الفا ، وكان كلما بايعته جماعة قرا عليهم كتاب الحسين ( ع ) . ففشا امره بالكوفة حتى بلغ النعمان فخطب الناس قائلا : (( اما بعد ؛ فاتقوا اللّه عباد اللّه ولا تسارعوا الى الفتنة والفرقة ، فان فيهما تهلك الرجال ، وتسفك الدماء ، وتغصب الاموال . لا اقاتل الا من قاتلني ، ولا اثب الا على من وثب علي ، ولا آخذ بالقرفة والظنة ، فمن ابدى صفحته ونكث بيعته ضربته بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ، ولو لم اكن الا وحدي )) . فساء ذلك من له هوى في بني امية كعبداللّه بن مسلم بن سعـيد الحضرمي وعمارة بن عقبة بن ابي معيط اخو الوليد بن عقبة ، فكتبوا الى يزيد يعلمونه قدوم ابـن عقيل الكوفة داعيا للحسين بن علي ، وانه قد افسد قلـوب اهلها عليه (( ... ، فان يكن لك في سلطانك حاجـة فبادر اليه من يقـوم بامرك ، ويعمل مثل عملك في عدوك ، فان النعمان رجل ضعيف او هو يتضعف ، والسلام )) .
فلما وصل الكتاب دعا سرجـون الرومي مولى ابيه معاوية وكان يستشيره
فاخبره الخبر ، فاشار عليه سرجون بعبيداللّه بن زياد ، وكان يزيد ساخطا على ابن زياد ، وكان هم بعزله عن البصرة ، فكتب اليه يسترضيه وانه قد ولاه الكوفة مع البصرة ، وكتب اليه ان يطلب مسلم بن عقيل فيقتله ان وجده . وسرعان ما وصل ابن زياد الكوفة ، ودخلها متنكرا وعليه عمامة سوداء يوهم الناس انه الحسين ( ع ) فكان لا يمر بجماعة الا ظنوا انه هو فيقومون له ، ويدعون ويقولون : (( مرحبا بابن رسول اللّه ، قدمت خـير مقدم )) ، حتى بلغ قصر الامارة ، فلما فشا خبر وصوله باتت الكوفة تغلي كالمرجل بين مثبت ومثبط ، واصبح مناديه يجمع الناس لخطابته في الجامع الاعظم وهرع الناس لندائه ، فاخذ يهدد ويطمّع ، فانقلبت القلوب وانحرفت الوجوه ، ولم تبقى مع مسلم بن عقيل الا ثلة قليلة ، وخفي على عبيداللّه موضع مسلم فجد في طلبه حتى علم بواسطة احد العيون انه في بيت هانئ بن عـروة ، فالقي القبض على هانئ وامر به فضربت عنقه ، فلما بلغ ابن عقيل مقتل هانئ نادى فيمن كان بايعه فاجتمعوا ، وتقدموا حتى احاطوا بقصر الامارة ، ولكن ما ان امسى المساء حتى تفرقوا ولم يبق معه الا زهاء ثلاثين رجلا . فلما رأى ذلك مضى منصرفا ، فاخذ نحو كندة ، فاذا امراة قائمة على باب دارها تنتظر ابنها فآوته وادخلته بيتها ، ولما جاء ابنها سال : من هذا في الدار ؟ فاعلمته وامرته بالكتمان . فلما اصبح جاء قصر الامارة واخبرهم بمكان مسلم ، فهجموا على الدار ، فقاتلهم ، واخذ ، وصاروا به الى ابن زياد ، فامر به واصعد الى ظهر القصر ، وضربت عنقه ، فسقط راسه الى الرحبـة ، ثم اتبـع الراس بالجسد . وكان الذي تولى ضرب عنقه احمر بن بكير . ثم بعث ابن زياد باسه وراس هانئ بن عروة الى يزيد وكتب اليه بالنبا فيهما وكان انفذ الراسين اليه مع هانئ بن ابي حية الهمذاني ، والزبير بن الاروج التميمي . استشهد مسلم في اليوم الثامن من ذي الحجة ( يوم التروية ) وهو اليوم الذي خرج فيه الحسين ( ع ) قاصدا الكوفة ، وقيل قتل في التاسع من ذي الحجة . وقال الدينوري في (( الاخبار الطوال )) : (( وكان قتل مسلم بن عقيل يوم الثلاثاء لثلاث خلون من ذي الحجة )) ، والمشهور ما ذكرناه وهو الصحيح . لمسلم بن عقيل مرقـد يزار ، ومرقده الشريف بالكوفة جنب المسجد الاعظم متصل بركنه الشرقي الجـنو بي ، عامر بالزوار والو فـود من كل الاقطار الاسلامـية .

عـــــــلاء لازم العيســـى / مستل من كتابي (( المجمل في تأريــــخ البصـــرة ))

رحم الله مسلم بن عقيل و هاني أبن عروه و لعن الله قاتليهم حتى تقوم الساعه ..
فقره مميزه , زاخره بالمعلومات , من كتاب ذو مستوى عالي في الفصاحه ,, سلمت يداك خالي العزيز ...