إبـــنُ سيــرين .. المعـبّــر المشهــور

في شهـر شوال ، بعد مــوت الحسن البصري بمائة يــوم ، و فاة إمام المعبرين محمد بن سيرين ، أبو بكر. كان سيرين عـبدا لأنس بن مالك وكان من سبي بيسان ، و قيل من سبي عين التمـــر ، وكانت أمه صفية مولاة لأبي بكر الصديق فـفي (( تاريخ بغـداد )) عـن ابن عائشة ، قال : (( كان سيرين ابو محمد ابن سيرين من اهل جرجرايا وكان يعمل القدور النحاس فجاء على عين التمر يعمل بها فسباه خالد بن الوليد )) .
كان محمد بزّازا وحبس بـد ين عليه وكان أصم، قال ابن كثير : (( ولما مات انس بن مالك اوصى ان يغسله محمد بن سيرين – وكان محمد محبوسا - فقالوا له في ذلك ، فقال انا محبوس ، فقالوا : قد استأذنا الامير في اخراجك ، قال : ان الامير لم يحبسني ، انما حبسني من له الحق ، فاذ ن له صاحب الحق فغسله )) ، اخرج الرازي بسنده عن عوف قال : (( كان محمد حسن العلم بالتجارة ، حسن العلم بالقضاء ، حسن العلم بالفرائض )) . روى عن ابي هريرة ، وانس بن مالك ، وعمران بن حصين ، وعبدالله بن عمر ، وغيرهم ، وروى عنه قتادة بن دعامة ، وخالد الحذّاء ، وايوب السختياني ، وهشام بن حسّان ، وعبدالله بن عــون ، وآخرون . اخرج الخطيب في تاريخه ، بسنده عن حمّاد بن زيد ، قال : (( حدّثنا عاصم ، قال : سمعت مورّقا العجلي يقول : ما رايت رجلا افقه في ورعه ، ولا اورع في فقهه من محمد بن سيرين . وقال ابو قلابة : اصرفوه حيث شئتم فلتجدنه اشدّكم ورعا ، واملككم لنفسه )) .
له في التعبير عجائب ، فمن تعبيراته ان رجلاً قال له : رأيت كأني اصب الزيت في الزيتون ، فقال : فتش عـلى امراتك فانها امك ، فـفتش فاذا هي امه . وذلك ان الرجل اخذ من بلاده صغـيرا سبيا ، ثم مكث في بلاد الاسلام الى ان كبر ، ثم سبيت امه فاشتراها جاهلا انها امه ، فـلما راى هـذه الرؤية وذ كـرها لابن سيرين فامره ان يفتش عـلى ذلك ، ففتش فوجد الامر على ما ذ كره ، ومن تعبيراته – ايضا – ما رواه المرزباني على لسان السيد الحميـري الشاعـر المشهور ، حيث قال : (( رأيتُ النبي ( ص ) في المنام وكأنه في حـد يقة نخل ، والى جانبها ارض كأنها كافورة ليس فيها شئ ، فـقال لي : اتدري لمن هـذا النخل ؟ قـلـت : لا يا رسول الله ، قال : لامرئ القـيس بن حجـر الكـندي ، فاقلعها واغرسها في هذه الارض التي انا بها . فجعلت انقـله الى ان نقلت جميعه ، فجاء ابي وانا صبي الى محمد بن سيرين قبل ان يموت بمديدة وقال لي : يا بني اقصص عليه رؤياك ففعلته فقال : أتقول الشعـر ؟ فقـلت : لا ، فقال : اما انك ستقول الشعر مثل امــرئ القيس الا انك تقـوله في قوم طهرة ابرار . فما انصرفت من عنده الا وانا اقول الشعر )) ، وفي كتاب (( حياة الحيوان )) للدميري ، قال : (( و قال في الاحياء : جاء رجل الى ابن سيرين فقال : اني رايت أني اقلد الدر اعناق الخنازير ، فقال : انت تعلّم الحكمة غير اهلها )) .
صلى عليه النضر بن عمرو المقبري وقبره مشهـور ، قال ابن حبان : (( و قبره بازاء قبر الحسن بالبصرة مشهـور يزار و قـد زرتهما غير مرة )) .

عـــــــــلاء لازم العيســـى / (( المجمل في تاريـــخ البصـــرة ))