الأعدادية المركزية في البصرة .. بين الماضي والحاضر
تشرفت البصرة بحبها للعلم والأدب والفن، ورغم ذلك فهي لم تعرف المدارس عند قيام الحكم الوطني في العام 1921 عندما نصب الملك فيصل الاول ملكاً على العراق، فقد شهدت البصرة انشاء مدارس متعددة منها المدرسة الرشيدية في قضاء ابي الخصيب، ولم تكن في المدينة مدرسة ثانوية مما حدا بابناء البصرة الاوفياء ببناء مدرسة لأبنائهم الطلبة ليواصلوا دراستهم الثانوية، وتشير المصادر التاريخية الى ان بناء اول ثانوية كان في عقد العشرينيات من القرن الماضي، اذ ان الحكومة العثمانية غير مهتمة بالتعليم وحتى الفترة التي تلت الانتداب الانجليزي لم تشهد بناء مدارس، مما حدا باهالي المدينة ان يفكروا ببناء ثانوية...
وقد ساهمت عوائل بصرية منها بيت النقيب والمنديل وباشا أعيان والسلمان والبدر وبركات وغيرهم بمبلغ(17,000) ألف روبية وعهد ببناء الثانوية الى احد المقاولين فبنى الطابق الارضي ثم توقف البناء بسبب خسارته المالية مما اضطر الاهالي الى التبرع بمبلغ(6) آلاف روبية لاستكمال تشييد البناية وكان ذلك بين عامي (1924 و1926) وقد بنيت على حس الطراز الانكليزي اضافة الى لمسة فنية تتناغم مع الخصائص المحلية في العمارة وتقدمت هذه المدرسة بكونها سجلا حافلا لكل المبدعين والاطباء والمثقفين من كل الاختصاصات لكثير من ابناء هذه المدينة.
في البداية اشتملت المدرسة على ثلاثة صفوف للمراحل الأولى من المتوسطة وبعد ثلاث سنوات اصبحت الدراسة فيها الى الصف الخامس بفرعيه العلمي والأدبي وكان ملاكها التدريسي يضم(17) مدرسا بينهم انجليز وهنود وسوريون وكانت تسمى ثانوية البصرة ثم تغير اسمها بعد الى الاعدادية المركزية وهو الاسم الذي تحمله حتى الوقت الحاضر.
وفيها صالة لعرض اللوحات الفنية والخطية والزخرفية، اما الآن فقد شيدت في الساحة التابعة للاعدادية مدرسة ابتدائية ومدرسة اعدادية تحمل اسم (التجارة للبنين) وفيها حالياً ثلاث ساحات رياضية صغيرة لكرة اليد والسلة والطائرة والقدم.
*من اهم الشخصيات المعروفة الذين تخرجت من هذه الاعدادية: تخرجت من هذه الاعدادية شخصيات كبيرة مثل الشاعر المعروف بدر شاكر السياب الذي تخرج عام 1943م والدكتور فيصل السامر مؤلف كتاب ثورة الزنج ووزير الصحة خضير عباس الاديب ومحمود عبد الوهاب والشاعر خالد الشواف ومحيي الدين إسماعيل وآخرين غيرهم.
كانت هذه الاعدادية مسرحاً لكثير من الاحداث السياسية والأدبية والرياضية المهمة فقام طلبتها بانتفاضة عام 1941م وهجموا على القشلة البحرية لاحتلالها، وفي عام 1948م صارت مركزا لوثبة الجماهير في البصرة وفي عام 1956م خرج المتظاهرون منها ضد العدوان الثلاثي على مصر، وعلى قاعتها الشهيرة اقيمت الكثير من النشاطات الادبية والفنية والاجتماعية منذ بنائها حتى اليوم.
يقول مديرها السابق السامرائي: كان لطلبة الاعدادية مواقف معروفة فقد كان لهم شرف المشاركة في انتفاضة عام 1952م حيث قام الطلبة بحرق العلم البريطاني في مقر قيادتهم الذي كانت بنايته مقابلة لبناية الاعدادية وقد تظاهر الطلبة بسبورات المدرسة مما اضطر السلطات انذاك الى جعل السبورات من القطع الكونكريتية ورفعت السبورات الخشبية ذات اللون الاسود.
وكان (فهمي سعيد الجرموكلي) اول مدير للمدرسة فيما كان (عبد المجيد عبد السيد) اول طالب سجل في المدرسة وحمل رقم قيده في المدرسة، ويضيف عن مميزاتها:
*ان عدد المدرسين الحاليين هو51 مدرسا وهم من ذوي الخدمات الطويلة والخبرة العالية وليست هناك امور نفرضها على الاستاذ إذ ان بعض الأساتذة بلغت خدمتهم 30 عاما وأغلب مدرسيها لاتقل خدمتهم عن 20 عاما وهناك نسبة كبيرة من الطلبة خريجو هذه الاعدادية ذهبوا الى كليات الطب والهندسة، كانت هذه الاعدادية تصدر مجلة من قبل الاساتذة والتلاميذ وكان الملعب الرئيس في المحافظة تابعا لهذه الاعدادية كما ان فيها قاعة سميت بقاعة التربية تعرض فيها العديد من المسرحيات.
المصدر: روح العراق ملتقى العراقيين والعرب
* صوره للاعدادية المركزيه للبنين عام 1970 :