منتدى تواريخ العراق
اهلا وسهلا ومرحبا بك تشرفنا بانضمامك الينا في منتدى تواريخ العراق نتمنى لك اجمل الاوقات

اداره المنتدى
منتدى تواريخ العراق
اهلا وسهلا ومرحبا بك تشرفنا بانضمامك الينا في منتدى تواريخ العراق نتمنى لك اجمل الاوقات

اداره المنتدى
منتدى تواريخ العراق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى تواريخ العراق

يختص بالاحداث التاريخيه والامور التي تتعلق بتراث العراق
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
منتدى تواريخ العراق منتدى يتناول جميع الاحداث التاريخيه القديمه والمعاصره علما ان اداره المنتدى غير مسؤوله عن الاراء التي تنشر في المنتدى لانها لاتمثل الا كاتب المقاله يرجى العلم بأن المنتدى قام بجمع و أرشفة جميع المواد و المعلومات من مواقع ومصادر مختلفة يشار اليها كمصدر عندما يكون المصدر معلوم. لذا لا يتحمل الموقع اي مسؤولية أدبية او قانونية تجاة المواد و المعلومات المنشورة.في حالة الأعتراض على اي من المواد المنشورة لأسباب تتعلق بخطأ المعلومة او عدم دقتها يرجى الأتصال مباشرة بأدارة المنتدى للبت في الموضوع. يستقبل المنتدى مشاركاتكم واستفساراتكم بكل ترحيب وللمنتدى الحق في عدم نشر اي مشاركة تخل بقواعد المنتدى العامة .....اداره المنتدى
اهلا وسهلا ومرحبا بالاعضاء الجدد عاشقة البصرة وكلمات بماء الذهب وخواطر الصمت وضياء الطياروالاخ يعقوب نتشرف بوجودكم بيننا

 

 الكيسانية والابهامات المتحدقه بها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
علي سعود
معاون المدير العام
معاون المدير العام
علي سعود


المساهمات : 227
تاريخ التسجيل : 27/02/2013
العمر : 40

الكيسانية والابهامات المتحدقه بها Empty
مُساهمةموضوع: الكيسانية والابهامات المتحدقه بها   الكيسانية والابهامات المتحدقه بها I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 12, 2013 11:03 pm



الكيسانية والاِبهامات المحدقة بها

قد علمت أنّ الغلاة ليسوا من المسلمين ولا من الشيعة ولا يصح عدّهم من الفرق الاِسلامية، وإنّ هذا الخطأ صدر من النوبختي والاَشعري وجاء الباقون فساروا على سيرتهما. نعم يظهر من كتب الفرق أنّ فرقاً للشيعة برزت إلى حيّز الوجود قبل ثورة زيد بن علي. وفرقاً أُخرى ظهرت بعد ثورته. ولعل القسم الاَوّل منحصر في الكيسانية التي يدعي أصحاب المقالات أنّها ظهرت بعد ثورة الحسين _ عليه السلام _ أيام إمامة ولده زين العابدين _ عليه السلام _، وبدورنا نذكر بعـض نصوصهم حول الكيسانية. ثم نرجع إلى تحرير المتحصل منها، ولاَجل ذكر النصوص في بدء البحث نستغني عن الاِرجاع إلى المصادر عند التحليل فنقول:
1 ـ قال الاَشعري: الكيسانية وهي إحدى عشرة فرقة، وإنّما سمّوا كيسانية لاَنّ المختار الذي خرج وطلب بدم الحسين بن علي ودعا إلى محمد ابن الحنفية كان يقال له كيسان، ويقال إنّه مولى لعلي بن أبي طالب ـ رضي اللّه عنه ـ .
الفرقة الاَُولى من الكيسانية يزعمون أنّ علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ نصّ على إمامة ابنه محمد ابن الحنفية، لاَنّه دفع إليه الراية بالبصرة.
والفرقة الثانية: منهم يزعمون أنّ علي بن أبي طالب نصّ على إمامة ابنه الحسن بن علي وأنّ الحسن بن علي نصّ على إمامة أخيه الحسين بن علي وأنّ الحسين بن علي نصّ على إمامة أخيه محمد بن علي وهو محمد ابن الحنفية.
والفرقة الثالثة: من الكيسانية هي الكربية أصحاب أبي كرب الضرير
(28)
يزعمون أنّ محمد ابن الحنفية حيّ بجبال رضوى، أسد عن يمينه ونمر عن شماله يحفظانه، يأتيه رزقه غدوة وعشية إلى وقت خروجه. ومن القائلين بهذا القول كُثَيِّـر الشاعر وفي ذلك يقول:
ألاّ إنّ الاَئمة من قريش * ولاة الحقّ أربعة سواء
علي والثلاثة من بنيه * هم الاَسباط ليس بهم خفاء
فسبط، سبطُ إيمانٍ وبرّ * وسبطٌ غيّبته كربلاء
وسبط لا يذوق الموت حتى * يقود الخيل يَقْدُمها اللواء
تغيّب لا يُرى فيهم زمان * برضوى عنده عسل وماء
الفرقة الرابعة: يزعمون أنّ محمد ابن الحنفية إنّما جعل بجبال رضوى عقوبة لركونه إلى عبد الملك بن مروان وبيعته إيّاه.
والفرقة الخامسة: يزعمون أنّ محمد ابن الحنفية مات وأنّ الاِمام بعده ابنه أبو هاشم: عبد اللّه بن محمد الحنفية (1).
والفرقة السابعة: قالت إنّ الاِمامة بعد موت أبي هاشم لابن أخيه الحسن بن علي بن محمد ابن الحنفية.
والفرقة الثامنة: قالت إنّ أبا هاشم أوصى إلى أخيه علي بن محمد، وعليّ أوصى إلى ابنه الحسن، فالاِمامة عندهم في بني الحنفية لاتخرج إلى غيرهم (2).
والفرقة التاسعة: يزعمون أنّ الاِمام بعد أبي هاشم محمد بن علي بن عبد
(1) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 18 ـ 20، وقد سقط من الطبع الفرقة السادسة من الكيسانية ولذلك ابتدأنا بالسابعة، ولما كانت نسخة مقالات الاِسلاميين مشوشة في بيان الفرقة السابعة والثامنة أخذناهما من كتاب الملل والنحل للشهرستاني.
(2) هاتان الفرقتان نقلناهما من الملل والنحل للشهرستاني ثم نتابع النقل من مقالات الاِسلاميين.
(29)
اللّه ابن العباس قالوا: وذلك أنّ أبا هاشم مات بأرض الشراة (1)منصرفة من الشام فأوصى هناك إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس وأوصى محمد بن علي إلى ابنه إبراهيم بن محمد، ثم أوصى إبراهيم بن محمد إلى أبي العباس، ثم أفضت الخلافة إلى أبي جعفر المنصور بوصية بعضهم إلى بعض، ثم رجع بعض هوَلاء عن هذا القول وزعموا أنّ النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ نصّ على العباس بن عبد المطلب ونصبه إماماً، ثمّ نصّ العباس على إمامة ابنه عبد اللّه ونصّ عبد اللّه على إمامة ابنه علي بن عبد اللّه، ثم ساقوا الاِمامة إلى أن انتهوا بها إلى أبي جعفر المنصور.
الفرقة العاشرة: يزعمون أنّ أبا هاشم أوصى إلى بيان بن سمعان التميمي وانّه لم يكن له أن يوصي بها إلى عقبه.
الفرقة الحادية عشرة: يزعمون أنَّ الاِمام بعد أبي هاشم عبد اللّه بن محمد ابن الحنفية وعليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب(2)
وقال النوبختي: وفرقة قالت بإمامة محمد ابن الحنفية، لاَنّه كان صاحب راية أبيه يوم البصرة دون أخويه فسمّوا الكيسانية، وإنّما سمّوا بذلك لاَنّ المختار ابن أبي عبيدة الثقفي كان رئيسهم وكان يلقب «كيسان» وهو الذي طلب بدم الحسين بن علي صلوات اللّه عليهم وثأره حتى قتل من قتلته وغيرهم من قَـتَل، وادّعى (المختار) أنّ محمد ابن الحنفية أمره بذلك وأنّه الاِمام بعد أبيه، وإنّما لقّب المختار كيسان لاَنّ صاحب شرطته المكنّى بأبي عمرة كان اسمه كيسان، وكان أفرط في القول والفعل والقتل من المختار جداً، وكان يقول: إنّ محمد ابن الحنفية وصيّ علي بن أبي طالب، وأنّه الاِمام وأنّ المختار قيّمه وعامله ويُكفر من تقدّم
(1) كذا في النسخة المطبوعة والصحيح «السراة» وهي موضع بالشام.
(2)2 ـ الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 20 ـ 21.
(30)
علياً ويُكَّفِر أهل صفين والجمل، وكان يزعم أنّ جبرئيل _ عليه السلام _ يأتي المختار بالوحي من عند اللّه عزّ وجلّ فيخبره ولا يراه. وروى بعضهم أنّه سمِّي بكيسان مولى علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ وهو الذي حمله على الطلب بدم الحسين بن علي _ عليهما السلام _ ودلّه على قتلته، وكان صاحب سرّه وموَامرته والغالب على أمره(1)
وقالت فرقة من الكيسانية إنّ محمد بن الحنفية ـ رحمه اللّه تعالى ـ هو المهدي، وهو وصيّ علي بن أبي طالب _ عليه السلام _ ليس لاَحد من أهل بيته أن يخالفه ولا يخرج عن إمامته ولايُشهّر سيفه إلاّ بإذنه، وإنّما خرج الحسن بن علي ـ عليهما السلام ـ إلى معاوية محارباً له بإذن «محمّد» وأودعه وصالحه بإذنه، وأنّ الحسين إنّما خرج لقتال يزيد بإذنه، ولو خرجا بغير إذنه هلكا وضلاّ وأنّ من خالف محمد ابن الحنفية كافر مشرك وأنّ محمد استعمل المختار بن أبي عبيدة على العراقيين بعد قتل الحسين وأمره بالطلب بدم الحسين _ عليه السلام _ وثأره وقتل قاتليه وطلبهم حيث كانوا، وسمّاه كيسان لكيسه ولما عرف من قيامه ومذهبه فيهم فهم يسمّون (المختارية) ويدعون (الكيسانية) (2).
معتقدهم :

إنّ الكيسانية على كثرة فرقهم يجمعهم شيئان:
أحدهما: القول بإمامة محمد ابن الحنفية.
والثانية: القول بالبداء على اللّه عزّ وجلّ، وقالت طائفة منهم بأنّه المهدي المنتظر في الرضوى (3).
(1) النوبختي: فرق الشيعة: 22 ـ 24.
(2) النوبختي: فرق الشيعة: 26.
(3) البغدادي: الفرق بين الفرق: 52.
(31)
الاِبهامات حول هذه الفرقة :

قد عرفت كلمات أصحاب المقالات وكتاب العقائد والظاهر منهم ومن غيرهم افتراض فرقة إسلامية شيعية نجمت بعد وقعة الطف (61 ـ 67هـ) والتفّت عدّة من الشيعة حول محمد ابن الحنفية واتّخذوه قائداً (في حياة الاِمام زين العابدين _ عليه السلام _) وقد لبّى هو وولده أبو هاشم ووصيه، ولم يكن هناك أي اعتراض واستنكار من رجالات البيت الهاشمي فاستتب الاَمر لابن الحنفية وابنه ومن بعده واستفحل أمرهم إلى عصر أبي جعفر المنصور العباسي، وقد كان العباسيون يستمدون شرعية دولتهم وخلافتهم من انتمائهم إلى تلك الفرقة وكانت لهم أُصول عقائد يتميزون بها عن سائر الفرق.
لكن الاِبهامات التي تحدق بهذه الفرقة من جوانب شتى يدفع الاِنسان إلى التأكد الكثير من وجود هذه الفرقة الاِسلامية في الساحة وبروزهم إليها باسم الدين وإليك بيانها:
1 ـ الاختلاف في المسمّى بكيسان :

إنّ الكيسانية منسوبة إلى «كيسان» وقد اختلفوا في المسمّى به إلى أقوال فمن قائل: إنّه اسم محمد ابن الحنفية، إلى آخر: إنّه اسم مولى لعلي، إلى ثالث: إنّه اسم نفس المختار بن أبي عبيدة الثقفي، إلى رابع: إنّه اسم صاحب شرطته المكنى بـ «أبي عمرة» وكان اسمه كيسان (1).
2 ـ الاختلاف فيمن نصب محمداً الحنفية للاِمامة :

إنّ القائد الذي تنتهي إليه تلك الفرقة هو محمد الحنفية، فقد
(1) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 18، والبغدادي: الفرق بين الفرق: 3و 38، والنوبختي: فرق الشيعة: 22.
(32)
اختلفوا في مرشحه للاِمامة إلى قولين: فمن قائل بأنّ المعيِّن، هو الاِمام علي، إلى آخر أنّه الاِمام الحسين وهو الذي نصبه للخلافة.
3 ـ الاختلاف في مبدأ قيادته :

كما اختلفوا في الموصي والمعيّن، اختلفوا في مبدأ قيادته، فمن قائل بأنّه الاِمام المنصوب من جانب الاِمام علي وهو الاِمام بعد رحيل والده دون أخويه، إلى آخر بأنّه الاِمام بعد استشهاد الحسين _ عليه السلام _ .
4 ـ الاختلاف في كونه حياً أو ميتاً :

اختلفوا في كونه حياً أو ميتاً، فقد نسب إلى جماعة أنّهم قالوا بكونه المهدي المنتظر وأنّه حي بجبال رضوى، يصونه الاَسد والنمر، معه العسل والماء، وفي مقابلهم من قال بموته، وأنّ الاِمامة انتقلت إلى فرد آخر.
5 ـ اختلافهم في كونه حيّاً كرامة أو عقوبة :

اختلف القائلون بكونه حياً، فهل هو حي كرامة، بشهادة أنّه يصان بالاَسد والنمر عن اليمين والشمال ويأتيه رزقه غدواً وعشياً إلى وقت خروجه كما قال به كثير الشاعر، أو أنّه حي عقوبة لركونه إلى عبد الملك بن مروان وبيعته إيّاه.
6 ـ الاختلاف في الاِمام بعد أبي هاشم :

توفي محمد الحنفية عام ثمانين أو واحد وثمانين وتوفي ابنه أبو هاشم «عبد اللّه ابن محمد الحنفية» سنة ثمان أو تسع وتسعين وعرفه ابن شهر آشوب بأنّه كان ثقة جليلاً من علماء التابعين روى عنه الزهري وأثنى عليه وعمرو بن دينار وغيرهما (1)
وقد اختلفت الاَقوال في وصيه إلى قائل بأنّه أوصى إلى الحسن بن علي بن
(1) المامقاني: تنقيح المقال: 2|212 برقم 7042.
(33)
محمد الحنفية، إلى آخر بأنّه أوصى إلى أخيه، علي بن محمد الحنفية، وأنّه أوصى إلى ابنه الحسن، إلى ثالث أنّه أوصى إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس، إلى رابع بأنّه أوصى إلى بيان بن سمعان، إلى خامس أنّه أوصى إلى عبد اللّه بن عمرو بن حرب.
7 ـ الاختلاف في المعتقد :

إنّ الكيسانية على كثرة فرقهم يجمعهم شيئان: أحدهما: القول بإمامة محمد ابن الحنفية والثانية: القول بأنّه المهدي المنتظر مضافاً إلى القول بالبداء(1).
أقول: إنّ القول بالبداء ليس من عقائد هذه الطائفة وإنّما هو عقيدة إسلامية جاء بها القرآن الكريم ونصت به السنّة النبوية (2)ولو فسرت على وجه صحيح لعلم أنّ المسلمين بأجمعهم متفقون على القول بها.
وإنّما نشأ النزاع من تفسيره على وجه باطل، أعني: الظهور بعد الخفاء على اللّه تعالى، ولا يقول به أحد من المسلمين، وتفسيره الصحيح قائم بكلمتين: إحداهما يرجع إلى مقام الثبوت، والاَُخرى إلى مقام الاِثبات، أمّا الاَُولى، فالبداء عبارة عن تغيير المصير بالاَعمال الصالحة أو الطالحة، كما كان الحال كذلك في قوم يونس، وأمّا الثانية فهي الاِظهار بعد الاِخفاء، وأمّا علمه سبحانه فلا يتغير ولايتبدل وأوضحنا حقيقتها في الجزء السادس من هذه الموسوعة (3).
قد نقل في كتب الملل والنحل أنّهم استدلوا على كون محمد ابن الحنفية إماماً بقول علي _ عليه السلام _ له يوم البصرة وقد أقدم بالراية: «أنت ابني حقاً» !
(1) البغدادي: الفرق بين الفرق: 52.
(2) الاِمام البخاري: الصحيح: 4|208، كتاب الاَنبياء، باب 51 حديث أبرص وأعمى وأقرع.
(3) بحوث في الملل والنحل: 6|304 ـ 327.
(34)
وأنت خبير بأنّ أحقّية البنوّة هو كونه شبيه والده في الشجاعة لا أنّه إمام بعده أو بعد السبطين.
كما نقل أنّهم استدلوا على كونه مهدياً غائباً بقول النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _:«لن تنقضي الاَيام والليالي حتى يبعث اللّه رجلاً من أهل بيتي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي».
ولكن الاستدلال في غاية الضعف لاَنّ اسم والد محمد هو علي لا عبد اللّه. نعم كان علي صلوات اللّه عليه عبداً للّه وصفيّاً لا علَمياً.
على أنّه لو صحّ الاستدلال فالنفس الزكية، أعني: محمد بن الحسن بن عبد اللّه بن الحسن المثنى، أولى منه.
واستدلوا أيضاً على أنّ خروج المختار كان بإذنه.
يلاحظ عليه: أنّ الاِذن بالخروج لايدلّ على أنّه ادّعى الاِمامة ودعا الناس إليها، وقد روى الشيخ المفيد أنّه سئل محمد ابن الحنفية عن ظهور المختار وادّعائه أنّ خروجه بأمره فأجاب:
واللّه ما أمرته بذلك لكن لا أُبالي أن يأخذ بثأرنا كل أحد، وما يسوءني أن يكون المختار هو الذي يطلب بدمائنا.
فاعتمد السائلون على ذلك وكانوا كثيرين. وقد رحلوا إليه بهذا المعنى بعينه، فنصروا المختار على الطلب بدم الحسين _ عليه السلام _.
وأخيراً نقول إنّ الاِمامة إمّا بالنصّ أو بالبيعة، فإن كان الاَوّل فأين النصّ؟ وإن كانت بالبيعة فأين بايعه أهل الحل والعقد؟
وتوضيح المقال بذكر أمرين:
الاَوّل: أنّ محمد الحنفية وليد البيت العلوي وربيبه الذي وصفه أمير الموَمنين، بقوله: «إنّ المحامدة تأبى أن يعصى اللّه عزّ وجلّ » قال الراوي، قلت:
(35)
ومن المحامدة؟ قال _ عليه السلام _: «محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة ومحمد بن أمير الموَمنين ابن الحنفية» (1)وكان أعرف الناس بعظم مقام الاِمامة وخطورتها وأنّها لا تصلح إلاّ لمن ثبت في حقّه النص، من صاحب الرسالة أو من بايعه الناس، أو خصوص أهل الحل والعقد ومع ذلك كيف يلبّي دعوة نفر أو نفرين للقيام بأعباء الاِمامة ولم يكن هناك تنصيص ولا بيعة من وجوه المسلمين ولم يكن الرجل من الانتهازيين أو من أبناء البيت الساقط الذين كانوا يدوسون كل الاَُصول الاِسلامية، للحصول على الغايات ويستهويهم النهمة والشره لاختلاس الاَموال أو حيازة جاه.
ونحن نُجلُّ محمد ابن الحنفية عن الرغبة إلى حيازة المقام الذي لا يصلح إلاّ لمن اجتمع لديه الشرط من التنصيص أوّلاً، أو البيعة ثانياً.
والذي يوَيد ذلك أنّه لم تشاهد منه دعوة إلى نفسه، بإلقاء الخطابة والمحاضرة، أو بعث الرسل إلى الاَطراف والاَكناف، أو تصدي أمر، يعد من شوَون الحكومة، ولو كان كذلك لكان له أنصار وأعوان، ولما ألقى عليه القبض، ابن الزبير لغاية أخذ البيعة والتهديد بالاِحراق عند رفضها. كما أنّه كان يتعاطف مع عبد الملك بن مروان ـ عملاً بواجبه ـ حتى أدركته المنية عام ثمانين أو واحد وثمانين.
الثاني: لو أغمضنا عن ذلك فهل كان هناك جماعة، موَمنون بإمامته وقيادته؟ وأنّ الفراغ الذي حصل، لدى الشيعة بشهادة السبط، مُلىَ ببيعة أهل العراق ولفيف من أهل المدينة ومكة له، أو لا ؟.
والحقّ هو الثاني وأنّ كثير من الشيعة كانوا حيارى في أمر الاِمامة لاَجل الضغط من جانب الحكومة الاَموية إلاّ الاَخصّاء ولكن كانت الشيعة بأجمعهم
(1) المامقاني: تنقيح المقال: 2|57 برقم 10230، نقلاً عن رجال الكشي.
(36)
يتعاطفون مع أهل البيت وعلى مقدمتهم الشخصيتان البارزتان: محمد ابن الحنفية، و علي بن الحسين زين العابدين _ عليه السلام _ من دون أن يتخذ ابن الحنفية إماماً وقدوة للشيعة.
ففي هذه الظروف نهض إنسان غيور، وشجاع مقدام، وسيف بتّار، لاَخذ ثار الاِمام الحسين ألا وهو المختار بن أبي عبيدة الثقفي الذي كان يحب أهل البيت ـ عليهم السلام ـ منذ نعومة أظفاره إلى أن ألقى حمامه في طريق أخذ ثارهم، ونال أُمنيته باجتثاث جذور أعدائهم، وسفك دمائهم، فأشفى صدور قلوب الموَمنين وعلى رأسهم أئمة أهل البيت والهاشميون والهاشميات بأجمعهم.
لقد كان الاتصال الوثيق مع أكابر أهل البيت يوم ذاك رصيداً كبيراً للثائر لغاية التفاف شيعة العراق حول المختار ولولا ذلك لما تمكن من إنهاضهم إلى ميادين القتال. وبما أنّ محمد ابن الحنفية ـ رض ـ كان كبير العلويين في السن لم يكن له بد من التعاطف معه وكان له مثل ذلك سيد الساجدين، ولاَجل المواصلة والمكاتبة مع العظيمين جلب اهتمام الشيعة لنفسه، وأقام نهضة كبيرة أخذ بها ثأر الحسين _ عليه السلام _ لا بل كانت ناراً أحرقت أُمنيات بني أُمية وأبادت آثارهم واجتثت جذورهم.
ولما كانت ثورته ثقيلة على مناوئي أهل البيت _ عليهم السلام _ أرادوا إسقاطه من أعين الناس فتحاملوا عليه من جانب العقيدة فرموه باختراع المذهب حتى رموه بادّعاء النبوة ونزول الوحي حتى صاغوا له جملاً مضاهية لجمل الكهنة، ونسبوها إليه (1). ولم يكن لهم غاية إلاّ القضاء على نهضته وثورته.
يقول البغدادي: «فلمّا تمت للمختار ولاية الكوفة والجزيرة والعراقين،
(1) البغدادي: الفرق بين الفرق: 46.
(37)
تكهّن بعد ذلك وسجع كإسجاع الكهنة، وحكي أيضاً أنّه ادّعى نزول الوحي عليه»(1).
لم يكن المترقّب من البيت الاَموي وحماته الذين شربوا كأس المنون بيد الثائر المتفاني في حب أهل البيت، إلاّ رميه بادّعاء النبوة ونزول الوحي، ولنفترض أنّ الثائر الثقفي لم يكن رجلاً دينياً، ولم ينهض بدافع إلهي، وإنّما ثارت ثورته، بدافع نفسي مادي، ولكنه كان رجلاً عملاقاً وسياسياً عبقرياً، قاد أعظم الثورات التي شاهدها التاريخ في ذلك العصر وامتدت سلطته إلى أرمينيا، وهل مثله ـ وهو يحكم باسم الاِسلام والدين، وبتأييد من أئمة أهل البيت _ عليهم السلام _ ـ يدّعي النبوة ونزول الوحي ويتكلم بكلام الكهنة مع أنّ التاريخ ضبط خطبه وكلامه حتى نقلها البغدادي (2)كلا، ولا، وما جاء به البغدادي، ليس إلاّ نسبة مفتعلة.
«من يتحقّق في سيرة المختار وحربه للاَمويين ودكه لجيش قائدهم عبيد اللّه ابن زياد، وفي عدائه للزبيريين ابتداء من انتزاع الحكم منهم في أوّل ثورته حتى قتاله لمصعب الذي سيطر على الحكم بعد المختار، ـ من يتحقّق في هذا ـ يستطع تحليل اتّـهام المختار بالكذب والانحراف واستغلال الاِسلام وقتل الاِمام الحسين _ عليه السلام _ من أجل مصالحه الشخصية، وأن تنسب له أقاويل مضادة للاِسلام. وكيف لايتهم بالاَُمور السالفة وأضرابها وقد أطبقت على عدائه دولتان، دولة ابن الزبير ودولة الاَمويين؟» (3).
وهناك بعض التساوَلات على صعيد البحث نشير إليها:
الاَوّل: روى الشيخ الكليني بسند صحيح عن أبي جعفر _ عليه السلام _ مناشدة محمد ابن الحنفية لعلي بن الحسين في مسألة الوصاية والاِمامة حتى اتفقا
(1)1 ـ البغدادي: الفرق بين الفرق: 45 و 46.
(2)2 ـ البغدادي: الفرق بين الفرق: 45 و 46.
(3) محمود البغدادي: النظرية السياسية: 284.
(38)
على تحكيم الحجر الاَسود وطلب الشهادة منه على أحدهما، فانطلقا حتى أتيا الحجر الاَسود، فقال علي بن الحسين لمحمد ابن الحنفية: «إبدأ أنت فابتهل إلى اللّه عزّ وجلّ وسله أن ينطق لك الحجر ثم سل» فابتهل محمد في الدعاء وسأل اللّه ثم دعا الحجر فلم يجبه، فعند ذلك تقدم علي بن الحسين وقال: «أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الاَنبياء وميثاق الاَوصياء وميثاق الناس أجمعين لما أخبرتنا مَن الوصي والاِمام بعد الحسين بن علي _ عليهما السلام _ ؟» فتحرك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه ثم أنطقه اللّه عزّ وجلّ بلسان عربي مبين فقال: اللّهم إنّ الوصي والاِمام بعد الحسين بن علي _ عليهما السلام _ هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة بنت رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _، قال فانصرف محمد بن علي وهو يتولّى علي بن الحسين ـ عليهما السلامـ(1).
لكن الاِجابة عن هذا السوَال واضحة، فإنّا لو افترضنا صحة المضمون، واكتفينا في مثل هذه الواقعة الخطيرة بالخبر الواحد، لنا أن نقول بأنّ المناشدة كانت لاَجل إفهام الآخرين بإمامة علي بن الحسين حتى يوجه نظر الجماهير إلى الاِمام الحقيقي.
إنّ محمد ابن الحنفية أجل من أن لا يعرف شروط الاِمامة وإنّها لم تكن متوفرة في حقّه. إذ لو كانت بالنص فلم يكن هناك نصّ عليه، ولو كانت بالمبايعة والتصفيق بالاَيدي فلم تكن هناك مبايعة. ومع ذلك فهل يحتمل أن يشهد له الحجر بالاِمامة.
الثاني: إذا لم تكن هناك دعوة باسم الكيسانية وإنّما خلقها أعداء المختار لاِسقاطه من أعين الناس فبماذا يفسر ما أنشأه الشاعر كُثَيِّـر عزّة.
(1) الكليني: الكافي: 1|348 ح5، كتاب الحجّة.
(39)
ألا إنّ الاَئمة من قريش * ولاة حقّ أربعة سواء
علي والثلاثة من بنيه * هم الاَسباط ليس بهم خفاء (1)
أو ما أنشأه السيد الحميري:
ياشعب رضوى ما لمن بك لا يرى * وبنا إليه من الصبابة أولق
حتى متى؟ وإلى متى؟ وكم المدى * يابن الرسول وأنت حيٌّ ترزق (2)
والاَجابة عن هذا السوَال واضحة لاَنّا أيضاً نرافق القارىَ في حكاية هذه الاَشعار عن ظهور عقيدة خاصة في حقّ محمد ابن الحنفية، ولكنها لم تكن تتجاوز عن حدوث فتنة دينية أثارت شكوكاً تارة وأوهاماً أُخرى على بعض الناس ولم يمض شيء حتى ذهبت أدراج الرياح، ولاتعد مثل ذلك فرقة إسلامية لها دور على بعض الناس على أنّ شعر السيد لا يثبت هذا المطلب لاَنّه يقول: يا ابن الرسول ولم يكن محمد ابن الحنفية ابناً للرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _.
الثالث: روي أنّ السيد الحميري كان كيسانياً وله شعر في هذا المذهب ولكنه رجع إلى الحقّ بفضل الاِمام جعفر الصادق _ عليه السلام _ وقال:
تجعفرتُ باسم اللّه واللّه أكبر * وأيقنتُ أنّ اللّه يعفو ويغفر
ودنتُ بدينٍ غير ما كنتُ دايناً * به ونهاني سيد الناس جعفر
فقلت هب أنّي قد تهوّدتُ برهة * وإلاّ فديني دين من يتنصر
فلست بغال ما حييتُ وراجع * إلى ما عليه كنت أخفي وأُضمر
ولا قائل قولاً لكيسان بعدها * وإن عاب جهال مقالي وأكثروا
ولكنه من قد مضى لسبيله * على أحسن الحالات يقضي ويوَثر (3)
1 ـ المسعودي : مروج الذهب : 78 ـ 79 ، طبعة دار الاندلس .
2 ـ المسعودي : مروج الذهب : 78 ـ 79 ، طبعة دار الاندلس .
3 ـ السيد المرتضى : الفصول المختارة : 598 .
(40)
إنّ شعره هذا يحكي عن وقوع شبهة لبعض أولياء أهل البيت ـ عليهم السلام ـ فتصوروا المجاز حقيقة، ولكنهم رجعوا إلى شرعة الحقيقة وشربوا من مائها العذب المعين.
وقد اتضح بهذا البحث الضافي على أنّ المذهب الكيساني تحدقه إبهامات وغموض في موَسسه وأتباعه وأهدافه تكاد تدفع الاِنسان إلى أنّه مذهب مختلق من جانب الاَعداء، ملصق بشيعة أهل بيت النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ لغاية تشويش أذهان الشيعة أوّلاً وتحطيم سمعة السيف البّتار المختار بن أبي عبيدة ثانياً.
وهناك كلمة تدعم ما ذكرنا بأحسن وجه وهي أنّ الباعث الوحيد لترويج هذا المسلك هو العباسيون في بداية أمرهم لاَنّهم كانوا يستمدون شرعية خلافتهم من هذا الطريق إذ يدعون أنّ أبا هاشم أوصى إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس.
قال الاَشعري: قالوا إنّ أبا هاشم مات بأرض السراة منصرفاً من الشام فأوصى هناك إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس، وأوصى محمد بن علي، إلى ابنه إبراهيم بن محمد ثم أوصى إبراهيم بن محمد إلى أبي العباس ثم أفضت الخلافة إلى أبي جعفر المنصور بوصية بعضهم إلى بعض (1).
فالعباسيون لاَجل إضفاء الشرعية على خلافتهم كانوا يدعمون هذا المذهب ويصوّرونه أمراً واقعياً وصل إليهم من أئمة أهل البيت فمن الحسين ـ عليه السلام ـ إلى أخيه محمد ابن الحنفية إلى ابنه أبي هاشم إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس إلى أن وصل إلى المنصور ذلك الحاكم الطاغي قاتل العلويين.
قال ابن خلدون في مقدمته: وآخرون يزعمون أنّ أبا هاشم لما مات بأرض السراة منصرفاً من الشام، أوصى إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس، وأوصى
(1) الاشعري : مقالات الاسلاميين : 21 ، وفي النسخة «الشراة».
(41)
محمد إلى ابنه إبراهيم المعروف بالاِمام، وأوصى إبراهيم إلى أخيه عبد اللّه بن الحارثية الملقب بالسفاح، وأوصى هو إلى أخيه عبد اللّه أبي جعفر الملقب بالمنصور، وانتقلت في ولده بالنص والعهد واحداً بعد آخر إلى آخرهم، وهذا مذهب الهاشمية القائمين بدولة بني العباس، وكان منهم: أبو مسلم وسليمان بن كثير وأبو سلمة الخلاّل وغيرهم من شيعة العباسية وربما يعضدون ذلك بأنّ حقهم في هذا الاَمر يصل إليهم من العباس، لاَنّه كان حياً وقت الوفاة وهم أولى بالوراثة بعصبيّة العمومة (1).
والجدير بإلفات نظر القارىَ هو قول ابن خلدون: « وربما يعضدون ذلك بأنّ حقهم في هذا الاَمر يصل إليهم من العباس» فإن ظاهره أنّ العباسيين يعضدون الكيسانية ويروجونها إذ من ذلك الطريق يصلون إلى شرعية حكمهم (2).
وفي الختام نأتي بكلمتين للشيخ المفيد، قال:
1 ـ أنّ جميع ما حكيناه من اعتقادات القوم، أمر حادث ألجأ القوم إليه الاضطرار، عند الحيرة، وفراقهم الحقّ، والاَصل المشهور ما حكيناه من قول الجماعة المعروفة بإمامة أبي القاسم ـ محمد الحنفية ـ بعد أخويه والقطع على حياته وأنّه القائم (وأمّا غير هذا القول فقد حدث بعد زمن، ألجأهم الاضطرار إليه).
2 ـ انقرضت الكيسانيـة حتى لا يعرف منهم في هذا الزمان أحد إلاّ ما يحكى ولا تُعرف صحته، ويقول في مورد آخر: «إنّ الكيسانية في وقتنا هذا لا بقية لهم ولا يوجد عدد منهم، يقطع العذر بنقله، بل لا يوجد أحد منهم يدخل في جملة أهل العلم بل لا نجد أحداً منهم جملة، وإنّما تقع مع الناس الحكاية عنهم خاصة (3) .
(1) ابن خلدون: المقدمة: 1|250، طبع دار الفكر، بيروت.
(2) لاحظ البغدادي: الفرق بين الفرق: 40 ـ 41.
(3) الشيخ المفيد: الفصول المختارة: 297 ـ 305.
(42)
حول سائر فرق الشيعة

قد ذكر أصحاب المقالات للشيعة فرقاً بصورة عامة وللزيدية والاِمامية بصورة خاصة، أمّا فرق الزيدية فسوف نتناولها في مستقبل الكتاب ونثبت أنّ زيداً الثائر لم يكن إماماً في العقائد ولافقيهاً صاحب منهج في الفقه ولم يكن له أي ادّعاء في ذينك المجالين حتى يكون إماماً في أحدهما ويشكل فرقة خاصة باسم الزيدية، نعم بعدما قتل زيد في المعركة وأدّى واجبه تفرّق أصحابه إلى فرق ومذاهب لاتمت بالثائر بصلة، فانتماء الفرق الزيدية إلى اتباع زيد الصق بهم من زيد ـ رضي اللّه عنه ـ وسيوافيك التفصيل في محله.
إنّما الكلام عن الفرق التي ذكروها فرقاً للاِمامية وقد كبّروها وعدّوها خمس عشرة فرقة وهي:
1 ـ الكاملية 2 ـ المحمدية 3 ـ الباقرية 4 ـ الناووسية 5 ـ الشمطية 6 ـ العماريـة 7 ـ الاِسماعيليـة 8 ـ المباركية 9 ـ الموسويــة 10 ـ القطعيـة 11ـ الاثنا عشرية 12 ـ الهشامية 13 ـ الزرارية 14 ـ اليونسية 15 ـ الشيطانية (1).
وهوَلاء الذين ذكرهم البغدادي تبعاً للاَشعري، وتبعهما الاِسفرائيني في كتابه «التبصير في الدين» والشهرستاني في «الملل والنحل» والرازي في «اعتقادات المسلمين والمشركين» تدور بين الصحيح والمختلق، فإنّ كثيراً منها
(1) البغدادي: الفرق بين الفرق: 350.
(43)
فرق في عالم الوهم والخيال نسجها مناوئوا أهل البيت لتشويه سمعة الشيعة الاِمامية، ولنأتي بنموذج عنها وهم الفرق الاَربعة الاَخيرة، أعني: الهشامية والزرارية واليونسية والشيطانية فإنّك لا ترى أثراً من هذه الفرق في كتب الشيعة الاِمامية.
أمّا الاَُولى: أي المنسوبة إلى هشام بن الحكم فمختلقة، فإنّ هشام بن الحكم من متكلّمي الشيعة الاِمامية وبطانتهم وممّن دعا له الاِمام الصادق _ عليه السلام _ فقال: « ماتزال موَيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك».
قال الشهرستاني: هذا هشام بن الحكم صاحب غور في الاَُصول لا يجوز أن يُغفل عن إلزاماته على المعتزلة، فإنّ الرجل وراء ما يلزم به على الخصم، ودون مايُظهره من التشبيه!! و ذلك أنّه ألزم العلاّف (1).
سيوافيك أنّ ما نقله عنه من التشبيه يرجع إلى زمن شبابه قبل اتصاله بالاِمام الصادق _ عليه السلام _ ويعتبر الرجل بخواتيم أعماله ومعتقداته.
يقول أحمد أمين: أكبر شخصية شيعية في الكلام وكان جداً قوي الحجّة، ناظر المعتزلة وناظروه ونقلت له في كتب الاَدب مناظرات كثيرة متفرقة تدلّ على حضور بديهته وقوة حجّته.
إنّ الشيخ الاَشعري قد أطنب الكلام عنه وذكر له عقائد خرافية في تجسيمه سبحانه وعطف عليه هشام بن صادق الجواليقي واشتراكهما في التجسيم ومضاعفاته (2) وذكره البغدادي بنفس النص مع تلخيص (3)، وتبعهما من جاء بعدهما كالشهرستاني غير أنّ هوَلاء لابتعادهم عن التعرّف برجال الشيعة لم يعرفوا هشام بن الحكم حقّ المعرفة واشتبه عليهم الاَمر، فإنّ هشام كان بداية أمره
(1) الشهرستاني: الملل والنحل: 1|185.
(2) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 1|31 ـ 34.
(3) البغدادي: الفرق بين الفرق: 65 ـ 69.
(44)
من تلامذة أبي شاكر الديصاني صاحب النزعة الاِلحادية، ثم تبع جهم بن صفوان الجبري المتطرف المقتول بـ «ترمذ» عام 128هـ، ولما التحـق بالاِمـام الصادق ـ عليه السلام ـ ودان بمذهب الاِمامية ترك ما كان يعتقد به من تجسيم وتشبيه فقد تطبعت عقليته على معارف أهل البيت إلى حد كبير، ولا يخفى على إنسان ملمّ بالحديث والكلام أنّ التنزيه شعار أهل البيت _ عليهم السلام _ ولقد كفانا الشيخ عبد اللّه نعمة في رسم حياة هشام رسماً واقعياً منزّهاً عن كل رأي مفتعل (1).
وأمّا الثانية: أعني الزرارية فهذه الفرقة المختلقة منسوبة إلى زرارة بن أعين من أجلاّء تلاميذ الاِمامين الباقر والصادق _ عليهما السلام _. يقول النجاشي في حقه: شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدّمهم وكان قارئاً، فقيهاً، متكلماً، شاعراً، أديباً، قد اجتمعت فيه خصال الفضل والدين (2)وقد ذكرنا له ترجمة ضافية طبعت في مقدمة مسنده، مات رحمه اللّه عام 150هـ، ولم يكن له أي شطح في العقيدة أو اعوجاج في الفكر، وإنّما كان يسير على ضوء إماميه الباقر والصادق ـ عليهما السلام ـ وقد أثنيا عليه بجمل ضافية، ومسنده المطبوع لاَصدق دليل على براءته في الكلام واضطلاعه في الفقه.
نعم أنّ الضغائن والحقد على هذا المتكلّم وعلى من سبقه ـ هشام بن الحكم ـ دفع المخالفين على رميهم بالانحراف الفكري، قال البغدادي: ومنهم الزرارية أتباع زرارة بن أعين الرافضي، في دعواها حدوث جميع صفات اللّه عزّ وجلّ وإنّها من جنس صفات اللّه عزّ وجلّ وزعموا أنّ اللّه تعالى لم يكن في الاَزل حياً، ولاعالماً ولا قادراً ولا مريداً ولاسميعاً، ولا بصيراً وإنما استحق هذه الاَوصاف حين أحدث لنفسه حياة وقدرة وعلماً وأرادة وسمعاً وبصراً. (3)
(1) لاحظ كتابه حياة هشام بن الحكم، طبع بيروت.
(2) النجاشي: الرجال: 1|397 برقم 461. ولاحظ مقدمة الموَلّف على مسنده.
(3) البغدادي: الفرق بين الفرق: 230.
(45)
ما عزى إليه، نسبة مفتعلة، والرجل ممّن برع في الفقه الاَكبر والاَصغر في أحضان الاِمامين الباقر والصادق _ عليهما السلام _ وحاشا أنّ يقول مثله بحدوث الاَوصاف الثبوتية للّه.
وأمّا الثالثة: فهي اليونسية المنسوبة إلى يونس بن عبد الرحمن مولى علي بن يقطين بن موسى، مولى بني أسد، فقد كان حافظاً للحديث، فقيهاً في الدين، متكلّماً على مذهب أهل البيت. يقول النجاشي:
كان وجهاً في أصحابنا، متقدماً ،عظيم المنزلة، ولد في أيام هشام بن عبد الملك ورأى جعفر بن محمد _ عليهما السلام _ بين الصفا والمروة ولم يرو عنه، وروى عن أبي الحسن موسى والرضا _ عليهما السلام _، وكان الرضا ـ عليه السلام ـ يشير إليه في العلم والفتيا له كتاب يوم وليلة وقد قال في حقّه الاِمام العسكري ـ عليه السلام ـ: «أتاه اللّه بكل حرف نوراً يوم القيامة» وكتب أُخرى ذكرها النجاشي(1).
وقد نسب إليه البغدادي من أنّه كان يقول: إنّ اللّه تعالى يحمله حملة عرشه وإن كان هو أقوى منها (2).
وأمّا الرابعة: فهوَلاء يريدون من الشيطان، محمد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي، كوفي صيرفي يلقّب بـ «موَمن الطاق» و«صاحب الطاق»، وإنّما لقبه المخالفون بشيطان الطاق، وكان دكانه في طاق المحامل بالكوفة فيرجع إليه في النقد فيرد رداً فيخرج كما يقول فيقال شيطان الطاق. له كتاب الاحتجاج في إمامة أمير الموَمنين، وكتاب رد فيه على الخوارج، ومناظرات مع أبي حنيفة والمرجئة.
وقال ابن النديم: كان متكلماً حاذقاً. وله من الكتب: الاِمامة وكتاب المعرفة
(1) النجاشي: الرجال: 2|421 ـ 422.
(2) البغدادي: الفرق بين الفرق: 228، والنسبة مفتعلة، والعدل والتنزيه من شعار أئمة أهل البيت، وما نقل أشبه بكلام المجسّمة من الحنابلة والحشوية.
(46)
وكتاب الرد على المعتزلة في إمامة المفضول، وكتاب في أمر طلحة والزبير وعائشة (1).
نسب إليه البغدادي من أنّ اّللّه تعالى إنّما يعلم الاَشياء إذا قدرها وأرادها، ولا يكون قبل تقديره الاَشياء عالماً بها، وإلاّ ما صحّ تكليف العباد (2)
إنّ دراسة حياة هوَلاء الاَكابر تشهد على أنّهم من حفاظ أحاديث أهل البيت ومن مقتفي آثارهم، فعقيدتهم لاتختلف قدر شعرة مما كان عليه الاِمام الصادق والاِمام الكاظم _ عليهما السلام _.
هوَلاء كانوا صواعق تنزل على روَوس المنافقين وتدمر أوكار أفكارهم، فلم يجد الخصوم بدّاً من الازدراء بهم حتى لقّبوا بعضهم بالشيطانية تنابزاً بالاَلقاب.
نحن نسلم أنّ له رأياً فيما ترجع إلى الاستطاعة كما زعمها الاَشعري في موَمن الطاق ومن تقدّمه (3)
أفيصح أن يعد هوَلاء موَسّسين لفرق إسلامية بحجّة أنّ لهم رأياً في مسألة كلامه ولو صلح ذلك لبلغت عدد الفرق الاِسلامية المائة بل المئات، إذ ما من مسألة كلامية إلاّ فيها خلاف بين علماء الكلام.
هذا ما يرجع إلى الفرق الاَربعة التي ذكرها البغدادي في آخر الفرق للاِمامية، ولنرجع إلى ماصدّر به فرق الاِمامية ونشرحها بالمشراط العلمي.
* * *
(1) ابن النديم: الفهرست: 264، وأيضاً: 258.
(2) البغدادي: الفرق بين الفرق: 71.
(3) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 43.
(47)
قالوا: منهم الكاملية:

يقول البغدادي: هوَلاء أتباع رجل من الرافضة كان يعرف بأبي كامل، وكان يزعم بأنّ الصحابة قد كفروا بتركهم بيعة علي، وكفر عليّ، بتركه قتالهم، وكان يلزمه قتالهم كما لزمه قتال أصحاب صفين، وكان بشار بن برد الشاعر الاَعمى على هذا المذهب، وروى أنّه قيل: له ماتقول في الصحابة؟ قال: كفروا، فقيل له: فماذا تقول في علي؟ فتمثل بقول الشاعر:
وما شر الثلاثة أم عمرو * بصاحبك الذي لا تصبحينا
وحكى أصحاب المقالات عن بشار أنّه ضم إلى ضلالته في تكفير الصحابة وتكفير علي معهم ضلالتين أُخريتين.
إحداهما: قوله برجعته إلى الدنيا قبل يوم القيامة، كما ذهب إليه أصحاب الرجعة من الرافضة.
الثانية: قوله بتصويب إبليس في تفضيل النار على الاَرض، واستدلوا في ذلك بقول بشار في شعر له:
الاَرض مظلمة والنار مشرقة * والنار معبودة مذ كانت النار (1)
يلاحظ عليه: بما ذكرنا في أوّل الفصل من أنّ عد فرقة من المذاهب الاِسلامية مشروط بوجود المقسم في القسم فلو لم يشم القسم رائحة المقسم فلا يصح عدّه قسماً منه، فإنّ التشيع بالمعنى الاصطلاحي هو الاعتقاد بأنّ علياً ـ عليه السلام ـ هو المنصوب للقيادة بعد رحيل الرسول الاَكرم _ صلى الله عليه وآله وسلم _، ومعنى ذلك لزوم متابعته والاقتفاء بأثره، وأنّه الرجل الاَمثل والاَفضل بعد رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _، فإذا كان الرجل مبغضاً
(1) البغدادي: الفرق بين الفرق: 54، والاِسفرائيني، التبصير: 35، تحقيق كمال يوسف الحوت.
(48)
ومكفّراً لعلي وإن كان مكفّراً لسائر الخلفاء، فهل يصح عدّه من الشيعة وعدّ مذهبه فرقة من فرق الشيعة الاِمامية؟!.
لا أدري ولا المنجم يدري ولا القراء يدرون !!
على أنّ الرجعة ليست بمعنى رجوع جميع الناس إلى الدنيا المستلزم لاِنكار البعث، بل المقصود رجوع عدد قليل من الصلحاء والطواغيت عند ظهور المهدي _ عليه السلام _ ولعل عددهم لا يتجاوز عدد الاَصابع، وقد أوضحنا معناها في الجزء السادس من هذه الموسوعة (1).
ومنهم المحمدية:

هوَلاء ينتظرون محمد (النفس الزكية) بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ولا يصدّقون بقتله ولا بموته، ويزعمون أنّه في جبل حاجز من ناحية نجد إلى أن يوَمل بالخروج، وكان المغيرة بن سعيد العجلي مع ضلالاته في التشبيه يقول لاَصحابه: إنّ المهدي المنتظر، محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن ابن علي، ويستدل على ذلك بأنّ اسمه كاسم رسول اللّه واسم أبيه عبد اللّه كاسم أبي رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _، وقال في الحديث عن النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قوله في المهدي: «إنّ اسمه يوافق اسمي، واسم أبيه اسم أبي» فلما أظهر محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي دعوته بالمدينة واستولى على مكة والمدينة، واستولى أخوه إبراهيم بن عبد اللّه على البصرة، واستولى أخوهما الثالث ـ وهو إدريس بن عبد اللّه ـ على بلاد المغرب، وكان ذلك في زمان الخليفة أبي جعفر المنصور فبعث المنصور إلى حرب «محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن» بعيسى بن موسى في جيش كثيف قاتلوا محمّداً بالمدينة وقتلوه في المعركة، ثم أنفذ بعيسى بن موسى أيضاً إلى حرب «إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي» مع جنده، فقتلواإبراهيم بباب
(1) السبحاني: موسوعة بحوث في الملل والنحل: 6|363.
(49)
حمرين على الستة عشر فرسخاً من الكوفة، ومات في تلك الفتنة إدريس بن عبد اللّه بن الحسن بأرض المغرب، وقيل: إنّه سُمَّ بها، ومات عبد اللّه بن الحسن بن الحسن والد أُولئك الاِخوة الثلاثة في سجن المنصور، وقبره بالقادسية، وهو مشهد معروف يزار (1).
يلاحظ عليه: من سبر تاريخ العلويين يذعن بأنّه كانت في عصر الاِمام الصادق _ عليه السلام _ وأيام إمامته (114 ـ 148هـ) فكرتان تسودهم، فمن معتقد بأن طريق إنقاذ الاَُمة الاِسلامية من أيدي الاَمويين ثم العباسيين يكمن في الكفاح المسلّح، إلى آخر بأنّ الظروف لاتسمح للكفاح المسلح وإنّما الواجب توعية الناس وتثقيفهم وتعليمهم وإعدادهم إلى الظرف المناسب.
وقد سلك زيد الثائر الدرب وفق المعتقد الاَوّل، وأعقبه أبناوَه:يحيى بن زيد وعيسى بن زيد، ثم الحسنيون عامة، ولذلك قام محمد بن إبراهيم بن الحسن المثنى بطرق هذا الباب وأثار ثورة مع إخوته كما عرفت، ولم يكن له ولا لاِخوته أو غيره أي دعوة إلى شخصهم وإنّما فرضوا على أنفسهم إزالة الحكومة الجائرة ثم تفويض الاَمر إلى الاَليق والاَمثل من أئمة أهل البيت _ عليهم السلام _ ،وعلى ضوء ذلك فلا يصح لنا عد ثائر على الظلم موَسساً لمذهب ومكوناً لفرقة، وأمّا أنّ أمثال المغيرة بن سعيد من رجال العبث والفساد الذين استبطلوه بتعريفهم إيّاه للملاَ على أنّه المهدي المنتظر فلا يمت إلى الثائر بصلة، وقد تقدّم أنّ أئمة أهل البيت تبرّأوا من ابن سعيد وأذنابه عملاء الفسق والفساد.
ومنهم: الباقرية والجعفرية:

إنّ الاِمامية عن بكرة أبيهم يعتقدون بأنّ الاَئمة اثنا عشر خلفاء اللّه بعد وفاة
(1) البغداي: الفـرق بين الفـرق: 57 ـ 58، وقد بسط الكلام في هذه الفرقة الاِسفرائيني في التبصير: 35 ـ 36.
(50)
الرسول الاَكرم _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وقد ذكر الرسول الاَكرم أسماءهم لخُلَّص أصحابه، منهم جابر بن عبد اللّه الاَنصاري وغيره (1)وقد تضافر عن الرسول حسب ما رواه أحمد في صحيحه أنّه يملك هذه الاَُمّة اثنا عشر خليفة كعدد نقباء بني إسرائيل (2)وروى البخاري عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ يقول: «يكون اثنا عشر أميراً» فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: إنّه قال: «كلّهم من قريش» (3)وروى مسلم عنه أيضاً يقول: سمعتُ رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ يقول: «لا يزال الاِسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة» ثم قال كلمة لم أفهمها فقلت لاَبي: ماقال؟ فقال: كلّهم من قريش(4).
إلى غير ذلك من الروايات الناصة على أنّ خلفاء الرسول اثنا عشر خليفة، وقد ذكرنا متون الروايات في الجزء السادس من هذه الموسوعة (5).
وقد اتفقت الاِمامية على أنّ محمداً الباقر وجعفراً الصادق _ عليهما السلام _ من الاَئمة الاثني عشر بلا ريب أو شك، كما اتفقت الاَُمّة على فضلهما وجلالتهما بلا ريب أو شك.
قال ابن خلّكان: أبو جعفر محمد بن زين العابدين الملقب بـ «الباقر» أحد الاَئمة الاثني عشر في اعتقاد الاِمامية، وهو والد جعفر الصادق، كان الباقر عالماً سيّداً كبيراً، وإنّما قيل له الباقر، لاَنّه تبقّر في العلم، أي توسّع، وفيه يقول الشاعر:
يا باقر العلم لاَهل التقى * وخير من لبّى على الاَجْبُلِ (6)
(1) الحويزي: نور الثقلين: 1|414، في تفسير قوله تعالى: (أطيعُوا اللّهَ وأطِيعُوا الرسولَ) (النساء ـ 59).
(2) أحمد بن حنبل، المسند: 1|398.
(3) البخاري: الصحيح: 9|101، كتاب الاَحكام الباب51 (باب الاستخلاف)
(4) مسلم: الصحيح: 6|3.
(5) السبحاني: بحوث في الملل والنحل: 6|58 ـ 62.
(6) ابن خلّكان: وفيات الاَعيان: 4|174.
(51)
وهذا هو الشهرستاني يعرف الاِمام جعفر الصادق _ عليه السلام _ بقوله: وهو ذو علم غزير في الدين، وأدب كامل في الحكمة، وزهد بالغ في الدنيا، وورع تام عن الشهوات، وقد أقام بالمدينة مدّة يفيد الشيعة المنتمين إليه، ثم دخل العراق وأقام بها مدّة(1).
نعم كان الاعتقاد بظهور المهدي أمراً مسلماً بين المسلمين عامّة والشيعة خاصة، وربما تطرأ الشبهة للعوام في حقّ بعض الاَئمة، وقد نقل البغدادي أنّ من بين الشيعة من يقول: إنّ الاِمام الباقر هو المهدي المنتظر، ويستدل بما روي عن النبي أنّه قال لجابر بن عبد اللّه الاَنصاري: «إنّك تلقاه فاقرئه مني السلام» وكان جابر آخر من مات بالمدينة من الصحابة، وكان قد عمي في آخر عمره، وكان يمشي في المدينة ويقول: ياباقر، ياباقر، متى ألقاك؟ فمرّ يوماً في بعض سكك المدينة فناولته جارية صبياً كان في حجرها، فقال لها: من هذا؟ فقالت: هذا محمد ابن علي بن الحسين بن علي، فضمه إلى صدره وقبّل رأسه ويديه ثم قال: يابني، جدّك رسول اللّه يقرئك السلام. ثم قال جابر: قد نعيت إلي نفسي، فمات في تلك الليلة(2).
وتبعه الاِسفرائيني في «التبصير»، ونسبا إلى بعض الشيعة أنّهم اعتقدوا بأنّ المهدي المنتظر هو أبو جعفر الباقر _ عليه السلام _ وليس في كتب الشيعة من هذه الفرقة من أثر، ولعله كانت هنا شبهة لبعض الناس فماتت الشبهة بموتهم.
ومنهم: الناووسية:

قال الاَشعري: وهوَلاء يسوقون الاِمامة إلى أبي جعفر محمد بن علي، وأنّ
(1) الشهرستاني: الملل والنحل: 1|166.
(2) البغدادي: الفرق بين الفرق: 60.
(52)
أبا جعفر نصّ على إمامة جعفر بن محمد، وأنّ جعفر بن محمّد حيّ لم يمت ولا يموت حتى يظهر أمره، وهو القائم المهدي وهذه الفرقة تسمّى الناووسية، لقبوا برئيس لهم يقال له: «عجلان بن ناووس» من أهل البصرة (1).
وفي الحور العين:إنّهم أتباع رجل يقال له «ناووس» وقيل: نسبوا إلى قرية ناووس (2) .
إذا تردّد أمر موَسس المذهب من أنّه هو «ناووس» أو ابنه عجلان، أو شخص ثالث منسوب إلى «ناووس» يكون أولى بأن يشك الاِنسان في أصله وغاية ما يمكن أن يقال طروء شبهة لشخص أو شخصين في أمر المهدي فزعموا أنّه الاِمام الصادق _ عليه السلام _ لكن ماتت الشبهة بموت أصحابها ولايعد مثل ذلك فرقة، غير أنّ حبّ أصحاب المقالات لتكثير فرق الشيعة أوّلاً، وفرق المسلمين ثانياً لتجسيد حديث افتراق الاَُمّة إلى ثلاث وسبعين فرقة، جرّهم إلى عدّ هوَلاء فرقة.
والحاصل بما أنّه لم يذكر لهم دور في الحياة، ولا حركة في المجتمع، يظن أنّه حصلت شبهة في مسألة المهدي، فزعم الرجل أنّه الاِمام الصادق وتبعه واحد أو اثنان، ثم ماتت الفرقة بموت المشتبه فلا يعد مثل ذلك فرقة.
نحن نطلق الفرقة على جماعة لهم منهج في العقيدة أو مذهب في الفقه أو لهم دعايات وبلاغات وحركات في المجتمع.
إلى هنا لم نجد للشيعة الاِمامية فرقة صحيحة قابلة للذكر فهي بين خارجة عن الدين من رأس كالغلاة، ومغمورة في أطباق الاِبهام كالكيسانية، أو طارئة عليها الشبهة ولم يكتب لها البقاء إلاّ أياماً قلائل، والمظنون أنّ الشيعة الاِمامية إلى عصر الاِمام الصادق _ عليه السلام _ كانوا متماسكين غير منفصلين.
(1) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 25.
(2) الحاكم الجشمي: الحور العين: 162.
(53)
قال الشهرستاني: إنّ الاِمامية متفقون في الاِمامة وسوقها إلى جعفر بن محمد الصادق _ عليه السلام _، ومختلفون في المنصوص عليه من أولاده، إذ كانت له خمسة أولاد، وقيل ستة: محمد وإسحاق وعبد اللّه وموسى وإسماعيل (1).
* * *
الفرق الواقعية للشيعة بعد رحيل الاِمام الصادق ـ عليه السلامـ:
لقد عرفت أنّ جماهير الشعية كانوا متماسكين غير مختلفين، ولو طرأت هناك شبهة فلواحد أو اثنين فلم تكن موَثرة على التحامهم.
نعم، توفي الاِمام الصادق _ عليه السلام _ وكان الضغط على الشيعة شديداً وكان أبو جعفر المنصور ذلك الحاكم الطاغي يقتل العلويين بقسوة شديدة، ففي هذه الظروف أي عام 148هـ لبى الاِمام الصادق _ عليه السلام _ دعوة ربّه ولم يكن في إمكانه التصريح العام بالاِمام الذي بعده، حتى أنّه لما مات أوصى إلى خمسة أشخاص منهم أبو جعفر المنصور ومنهم حاكم المدينة وثالثهم زوجته، وبذلك جعل الاَمر مخفياً على الاَعداء. وعند ذلك نشأ اختلاف بين الشيعة وتفرّقوا إلى فرق ثلاث:
الاَُولى: السميطية:

قالوا بأنّ الاِمام هو محمد بن جعفر والاِمامة في ولده، نسبت تلك العقيدة إلى رئيس لهم باسم يحيى بن سميط (2)ولم يكتب البقاء لهذه الفرقة وليس لها رسم ولا اسم بين كتب الشيعة الذين هم أعرف بفرقهم.




(1) الشهرستاني: الملل والنحل: 1|167.
(2) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 27، البغدادي: الفرق بين الفرق: 61، الاِسفرائيني: التبصير: 23.
وفي الحور العين: يحيى بن أبي شميط


الثانية: الفطحية:

وهم القائلون بإمامة الاثني عشر مع عبد اللّه الاَفطح ابن الصادق ـ عليه السلام ـ يدخلونه بين أبيه وأخيه (الاِمام الكاظم _ عليه السلام _) ، وعن الشهيد ـ رحمه اللّه ـ أنّهم يدخلونه بين الكاظم والرضا _ عليهما السلام _ وقد كان أفطح الرأس، وقيل: أفطح الرجلين، وإنّما دخلت عليهم الشبهة مما رووا عن الاَئمة: الاِمامة في الاَكبر من ولد الاِمام، ثم منهم من رجع عن القول بإمامته لما امتحنوه بمسائل من الحلال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الكيسانية والابهامات المتحدقه بها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى تواريخ العراق :: قسم ملل ونحل-
انتقل الى: