لمحــة موجزة من تاريــخ سامـــراء

تــعــد مدينة سامــراء المدينة الثانيــة من مــدن خلفاء بني العباس بعــد بغــداد ، فقــد سكنها ثمانية حكــّام منهم : المعتصــم إبن هارون الرشيــد وهو بناها سنــة ( 221 هـ / 836 م ) ، والواثق ، والمتــوكل ، والمنتصــر ، والمستعين ، والمعتــز ، والمهتــدي ، وآخــرهم المعتمد الذي حكمها حتى سنة 279 هـ ، ثم هجرها ورجع الى بغــداد .
والظاهــر من بعض النصوص البلدانية أن مو قــع المدينة الحالية كان هــو الإختيار الخامس من المعتصم بعد أربع إختيارات ــ كما جــاء في كتاب البلدان لإبن واضـح اليعـقو بي ــ فالاختيار الاول هو منطقة ( الشماسية ) فعزم أن يبني فيها فضاقت عليه أرضها وكــره أيضــاً قربها من بغــداد ، فمضى إلى ( البــردان ) بمشورة وزيره الفضل بن مروان وأقام بها أيامــاً ، ثم لم يرض الموضــع فصار إلى ( باحمشــا ) فقــدر هناك مدينة على دجلــة وطلب موضعــاً يحفــر فيه نهــراً فلم يجــده فانتقل إلى قريــة ( المطيــرة ) فأقام بهــا مــدة ، فصيّــر النهــر المعروف بــ ( القاطــول ) وسط المدينة وهو نهــر كان في موضــع من سامــراء قبل أن تعمّــر ، فابتــدأ البناء واختطت الاسواق وسكن هو في بعض ما بني له وسكن معه بعض الناس أيضــاً فضاقت أرضها ، ثم ركب متصيّــداً فمــر في مسيــره حتى صار إلى صحــراء لا عمارة بها ولا أنيــس إلا د يـــر للنصارى ، فوقــف بالديــر وكلم من فيه من الرهبان ، وقال : ما إسم هــذا المــوضــع ؟ فقيل له : نجــد في كتبنا المتقــدمة أن هــذا الموضع يسمــى ( ســر من رأى ) وأنه كان مدينة سام بن نوح ، وأنه سيعــمر بعــد الدهــور ، فعــزم المعتصم العباسي أن ينزل بذلك الموضــع فكان الاختير الاخير .
و يعــود إكتشاف مدينة سامــراء إلى عصــور قديمــة فقد ذكرها المــؤرخ الروماني أميانس مرقلينس ( ت 390هـ ) بصيغة ( ســومرا ) ، ونــوه عنها المؤرخ اليوناني زوسيس بصورة ( ســوما ) . ومن الاسماء التي أطلقت عليها سابقاً ( الطيــرهان ) وبقي هذا الاسم مستعملاً حتى بعد بنائها بقرون . و عن أصل ومعنى كلمة سامــراء فقــد ذكرت روايات عديدة ومختلفة في ذلك فصّلهــا ياقــوت الحمــوي في معجمه ، منها : أن هــذه المدينة بنيت لسام ابن نــوح ( ع ) فنسبت إليه فقيل ( سام راه ) ، وقيل بل هو موضــع عليه ضريبة الخــراج قالوا ( ساء مره ) أي هو موضع الحســـاب .
أما عن قدسيتها فقــد إكتسبتها منذ أن ضمت تربتها الامامين العسكريين علي الهادي وإبنه الحسن العسكري عليهما السلام . وكان قــدوم الإمام الهادي يصحبه إبنه العسكري وله من العمر سنتان إلى سامــراء بأمــر من المتوكل سنة 234هـ ، فلما توفي سنة ( 254هـ ) ودفن في داره ، ثم دفن بجــواره ابنه العسكري سنة ( 260هـ ) ، و يعــد مشهدهما السابق من أهــم معالم سامراء ، فقــد بلغ محيط قبته ( 68 ) م وقطرها ( 22 ) م ، كما يبلغ عدد طابوق الذهب بها ( 72000 ) طابوقة .

عـــــــلاء لازم العيسى

المصـــادر :

1 . البلــدان ــ ابن واضح اليعقوبي
2 . معجم البلدان ــ ياقوت الحمــوي
3 . موسوعة العتبات المقدسة / قســم سامراء ــ الخليلي