أ بــــو الأســـود الـدؤلـــي .. واضــع علم النحــو

أبو الأسود الد ؤلي ، ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي الكناني ، هذا قول الأكثر في اسمه ، و قـيل ظالم بن ظالم ، وعمرو بن ظالم بن سفـيان ، وعمرو بن سفيان . قال الشريف الصنعاني : (( وذكر المدائني : ان ابا الاسود تو في بالبصرة في الطاعــون الجارف سنة تسع وستين وله خمس وثمانون سنة . وقيل انه توفي قبل ذلك وهو الانسب لانه لم يسمع له في فتنة المختار بذكر )) .
كان ابو الاسود من كبار التابعين أد رك الجاهلية والإسلام ، و قد ورد عن بعــض الرواة انه شهـد غزوة بد ر مع المسلمين ، وبهذا استدلوا انه ادرك النبي ( ص ) ، الا ان هذه الرواية شاذة ومنفـردة . هاجر إلى البصرة في خلافة عمر بن الخطّاب لاسباب لم تكن واضحة . من خواص أصحاب الإمام علي ، أرسله والي البصرة عثمان بن حنيف لمفاوضة أصحاب الجمل و بعــد فشل المفاوضات شهـد الجمل مع علي ( ع ) ، ومن بعدها صفين ، كما عده بعض الرجاليين من أصحاب الإمام الحسن . كان لغويا ومحد ثا وشاعرا ، نسب إليه علم النحـو ، وكان أول من ألقى إليه هـذا العلم هو الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، نعته ابن سعد في طبقاته فقال : (( في الطبقة الاولى من اهل البصرة ؛ وكان شاعرا متشيعا، وكان ثقة في حـد يثه )) ، و قال السيرافي : (( وكان ابو الاسود ممن صحب عليا صلى اللّه عليه وكان من المتحققين بمحبته ومحبة ولده و في ذلك يقول :

يقول الارذلون بنو قشير طوال الدهر لا تنسى عليا
احب محمدا حبا شديـدا وعباسا وحمـــزة والوصـيا
فان يك حبهم رشدا اصبه وليس بمخطئ ان كان غيا

وكان نازلا في بني قشـير بالبصرة ، وكانوا يرجمـونه بالليل لمحبـته
لعلي وولده ، فاذا اصــبح وذكر رجمهم قالوا : اللّه يرجمك . فيقـول لهم :
تكذبون لو رجمني اللّه لاصابني وانتم ترجمون فلا مصيب )) . وقال ابن خلكان : (( وقيل لأبي الأسود : من أين لك هذا العلم ؟ يعنون النحـو ، فقال : لقنت حدوده من علي بن أبي طالب رضي الله عنه )) ، وقال الجاحظ : (( ابو الاسود مقدم في طبقات الناس ، كان معد ودا في الفقهاء ، والشعراء ، والمحدثين ، والاشراف ، والفرسان ، والدهاة ، والنحاة ، والحاضري الجواب ، والشيعة )) ، ونعته بروكلمان بقوله : (( كان مشهـورا بمصاحبته علي بن ابي طالب ، وكان عالي المكانة بالبصرة في الحديث والفـقه )) . روى عن الإمام علي وعمر بن الخطاب وأبي ذر وابن عباس ، وغيرهم ، وروى عنه يحيى بن يعمر وعبد الله بن بريده ، وآخرون . عدّه البعض من الطبقة المبكرة للمعتزلة قبل واصل بن عطاء ، وعمرو بن عـبيد .
من المناصب التي حازها في البصرة قاضيا ، فمدير دائرة الصدقات والجند ، فواليا على البصرة بعد ابن عباس ، قال وكيع : (( وقال ابو عبيدة : كان ابن عباس يفتي الناس ويحكم بينهم ، وانه خرج الى علي ، ومعه ابو الاسود الدؤلي وغيره من اهل البصرة ، فاستقضى الحارث بن عبد عوف بن اصرم بن عمرو الهلالي ، ثم قدم ابن عباس فاقر الحارث ، وابن عباس يتولى عامة الاحكام بالبصرة ، ثم كان بعد ذلك كلما شخص عن البصرة استخلف ابا الاسود ، فكان هو المفتي ، والقاضي يومئذ يدعى المفتي ، فلم يزل كذلك حتى قتل علي عليه السلام في سـنة اربعين )) .
له شعـر حسن جمع بديوان وطبع ، ومن شعره ما قاله في الحكمة :

احـبب اذا احـببت حـبا مقاربا فانك لا تـدري متى انت نازع
وابغـض اذا ابغضت بغضا مقاربا فانـك لا تدري متى انت راجع
وكن معدنا للحلم وافح عن الاذى فانك راء مـا عملت وسامــع


و فد على معاو ية في الشام بعد مقتل الامام علي ( ع ) وجرت بينهما محاورة . روى ابن عساكر بسنده عن ابي حمزة الثمالي ، قال : (( لما بو يــع معاو ية و فد عليه الاحنف بن قيس وابو الاسود الديلي في اهل البصرة ، فقال معاوية للاحنف حين دخل عليه : انت القاتل امير المؤمنين – يريد عثمان - ، والخاذل ام المؤمنين ، ومقاتلنا بصفين ؟ فقال له الاحنف : يا امير المؤمنين ، لا ترد الامور على ادبارها فان القلوب التي ابغضناك بها في صدورنا ، وان السيوف التي قاتلناك بها في عواتقنا ، فلا تمد لنا شبرا من الغدر الا مددنا لك باعا من الختر ، وان كنت يا امير المؤمنين لجدير ان تستصفي كدر قلوبنا بفضل حلمك . قال : اني فاعل ان شاء اللّه .
ثم اقبل على ابي الاسود الديلي فقال له : انت القائل لعلي : ابعثني حكما ، فواللّه ما انت هناك ، انك لفهية المحاورة عيي بالجواب ، فكيف كنت صانعا ؟ قال : كنت جامعا اصحاب محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم فاقول لهم : ايدري ، احدي ، شجري ، عقبي ، احب اليكم ، ام رجل من الطلقاء ؟ فقال معاوية : قاتله اللّه ، واللّه لقد خلعني خلع الوصيف )) .
قال الدميري في ( حياة الحيوان ) : ( الدئل ) بضم الدال وكسر الهمزة ، دابة شبيهة بابن عرس ، …… ، قال الاخفش : واليه ينسب ابو الاسود الدؤلي قاضي البصرة . و قال الجاحظ : (( ومن العــرجان الأشراف : أبو الأسود الديلي ظالم بن عمرو بن سفيان ، وهو يعدّ في العُرجان ، وهو في مفاليج الأشراف ، و في رجال الشيعة ، وهـــو رأس النحــو يين ، و بنــوه بعده ، وكان شاعرا )) .

عـــــلاء لازم العيســى / مستل من كتابي (( المجمل في تاريـــخ البصرة ))