هو الحجّاج بن يوسف بن ابي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف ، امه الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي . قـدم العراق اميرا عليها من قبل عبدالملك بن مروان سنة خمس وسبعين وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، وتوفي بواسط سنة خمس وتسعين للهجـرة وهو ابن ثلاث وخمسين وقيل اربع وخمسين ، فكانت امرته عشرين سنة ، منها في خلافة عبدالملك خمس عشرة سنة ، وفي خلافة الوليد خمس سنين .
بنى مدينة (( واسط )) وهو اول من بناها ، وسمّيت واسطا – كما ذكر ياقوت في معجـم البلدان – لانها متوسّطة بين البصرة والكوفة ، وقد شرع ببنائها سنة 84 وفـرغ منها في سنة 86 هـ ، وذكر ان للعـرب اكثر من واسط : فواسط في نجـد ، وواسط الحجاز ، وواسط اليمامة ، وواسط قرية مشهورة ببلخ ، وواسط قرية بالموصل ، وواسط الرقّة وكان اول من استحدثها هشام بن عبدالملك واليها ينسب سعيد بن ابي سعيد الخراساني ثم الواسطي ، وواسط بلدة بالاندلس من اعمال قبرة ينسب اليها احمد بن ثابت بن ابي الجهم الواسطي المتوفى سنة 437هـ ، وواسط الحجاج ، وهي اشهر الجميع . قال ياقوت : (( قالوا : وانفق الحجاج على بناء قصره والجامع والخندقين والسور ثلاثة واربعين الف الف درهم ، فقال له كاتبه صالح بن عبدالرحمان هذه نفقة كثيرة وان احتسبها لك امير المؤمنين وجد في نفسه ، قال : فما نصنع ، قال : الحروب لها اجمل ، فاحتسب منها في الحروب باربعة وثلاثين الف الف درهم ، واحتسب في البناء تسعة آلاف الف درهم )) .
لقد اجمع المـــؤرخون – تقـريبا – على ظلم الحجاج ، وقسوة قلبه ، وعدم عدالته . قال المسعودي : (( واحصي من قتله صبرا سوى من قتل في عساكره وحروبه فوجد مائة وعشرين الفا ، ومات وفي حبسه خمسون الف رجل ، وثلاثون الف امراة ، منهن ستة عشر الفا مجردة ، وكان يحبس النساء والرجال في موضع واحد ، ولم يكن للحبس ستر يستر الناس من الشمس في الصيف ولا من المطر والبرد في الشتاء ، وكان له غير ذلك من العذاب ما اتينا على وصفه في الكتاب الاوسط . وذكر انه ركب يوما يريد الجمعة ، فسمع ضجّة ، فقال : ما هذا ؟ فقيل له : المحبوسون يضجّون ويشكون ما هم فيه من البلاء ، فالتفت الى ناحيتهم و قال : (( اخسؤا فيها ولا تكلّمون )) . فيقال : انه مات في تلك الجمعة ، ولم يركب بعد تلك الركبة )) .
وفي كتاب (( الوزراء والكتّاب )) قال الجهشياري : (( و قال الحجاج يوما لبعــض كتّابه : ما يقول الناس فيّ ؟ فاستعـفاه ، فلم يعفه . قال : يقولون : انك ظلوم ، غشوم ، قتّال ، عسوف ، كذّاب . قال : كل ما قالوا فقد صدقوا فيه ، الا الكذب ، فوالله ما كذبت منذ علمت ان الكذب يشين اهله )) . و قال ابن العماد الحنبلي : (( وكان مــو ته بالاكلة في بطنه سوغه الطبيب لحما في خيط فخرج مملوءا دودا وسلّط عليه البرد فكان يو قد النار تحته وتؤجج حتى تحرق ثيابه وهو لا يحس بها ، فشكا الى الحسن البصري ، فقال : الو اكن نهيتك ان تتعرض للصالحين ، فلما اخبر الحسن بمو ته سجد شكرا و قال : اللهم كما امته فامت سنته )) . وقال سبط بن العجمي : (( وترجمة الحجاج معرو فــة فلا يطول بها . و قد ذكره في الميزان ، فقال : عن انس ، قال ابو احمد الحاكم : أهل أن لا يروى عنه ، وقال النسائي ليس بثقة ولا مامـــون ، ثم قال : ( قلت ) : يحكي عنه ثابت وحميد وغيرهما فلولا ما ارتكبه من العظام والفتك والشر لمشى حاله )) . اما عن بغضه لاهل البيت ، و بالخصوص كبير العترة الطاهرة الامام علي ( ع ) ، فمعروفة . قال ابن ابي الحديد : (( وكان الحجاج لعنه الله يلعن عليا عليه السلام ، و يامر بلعنه . و قال له متعرّض به يوما وهو راكب : ايّها الامير ، ان اهلي عقّو ني فسمّو ني عليا ، فغيّر اسمي ، وصلني بما اتبلغ به فاني فقير ، فقال : للطف ما توصلت به قد سمّيتك كذا ، ووليتك العمل الفلاني فاشخص اليه )) . تـــو في الحجّاج وله ثلاث وخمسون سنة ، ودفن بواسط .
عــــلاء لازم العيسى / مستل من كتابي (( المجمل في تاريخ البصــرة ))
[/size]